الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية كيف للحكومة التونسية أن تسلّـم إرهـابيـيـن؟

نشر في  16 جويلية 2014  (10:39)

بقلم: محمد المنصف بن مراد

كتبت في العدد الماضي مقالا تناول بالخصوص تسليم ليبيين من أنصار القذافي للسلطات والميليشيات الليبية وذكرت أنّ تسليم ارهابيين قتلوا جنودا تونسيين أمر غير مقبول وغير أخلاقي لأنّ تسليم مجرمين أسالوا دماء تونسية، جريمة دولة وإن ادعى وزير الخارجيّة التونسية ووزير الداخلية أنّه لم يقع تبادل الارهابيين الليبيين  بالديبلوماسيين التونسيين المحتجزين في ليبيا وبهذا التعامل المريب أثبتت الحكومة التونسيّة أنّها تفتقد روح المسؤولية...
ويوم الاثنين الفارط هدّد وزير العدل السيد حافظ بن صالح بالاستقالة من وزارة العدل، وقد أكّدت بعض الأوساط أنّ من أسباب التهديد تسليم الارهابيين الليبيين الذين اغتالوا العقيد الطاهر العياري والعريف وليد الحاجي يوم 18 ماي 2011 في مدينة الروحية.. كما انّ الوزير غير راض عن التجاذبات داخل الوزارة!
ودون لفّ ولا دوران فإنّ الحكومة التونسيّة ارتكبت جريمة أخلاقيّة وسياسية عندما سلمت المجرمين الارهابيين الذين قتلوا ضابطا وجنديا بتعلة انّ هناك اتفاقية  تسمح بتسليمهم ليقضّوا ما تبقّى لهم من عقوبة السجن في بلادهم!
هل يعقل أن تسلّم الحكومة قتلة وكأنّها تقول ضمنيا للارهابيين «اقتلوا الجنود والأمنيين التونسيين وسنسلّمكم لسلطات بلادكم بعد محاكمتكم وبقائكم في السجن شهورا قليلة».. انّ في هذا تشجيعا غير مباشر للارهاب وإهانة للجيش والأمن الوطنيين.. فهل يمكن أن يشعر جنودنا وأمنيونا بالأمان عندما يكونون على يقين من انّ من يغتالهم ـ لا قدر الله ـ سيفرج عنه لأنّ هناك اتفاقية تجيز ذلك؟! من يضحك علي ذقون الشعب لتونسي؟ لقد أصبحت تونس اليوم مهدّدة بأجزاء من طبقتها السياسيّة التي تفكّر في مصالحها ومكاسبها ومغانمها أولا وفي تونس ثانيا..
وإنّي لأتوجّه بلوم لطيف الى السيد رئيس الحكومة الذي يبدو أنّه منشغل بالاقتصاد في حين انّ مشاكل أمنية واجتماعيّة وسياسيّة كبرى تهدد البلاد.
فما معنى ألا تنفّذ اليوم كلّ بنود خارطة الطريق؟ وما معنى ألا يقع تحييد وزارة الداخلية بصفة مطلقة لخدمة تونس وتونس وحدها؟ وما معنى تجميد اقتراحات تعيين ديبلوماسيين جدد؟ وما معنى تسليم ليبيين من أنصار القدافي لسلطة ليبيّة ستنتقم منهم؟ وما معنى عدم تحييد شامل للولاة والمعتمدين وكبار مسوؤلي الإدارة وخاصّة في وزارة الداخلية؟ وما معنى ايقاف أشخاص يؤمنون بمنطق العنف وتحوم شبهات حول علاقتهم بالارهاب ثم تسريحهم؟ وما معنى عدم تحييد المساجد؟ وما معنى هذه الميوعة في التخطيط جدّيا للقضاء على الارهاب؟ وما معنى ترك الإعلام دون سنّ اجراءا ت لمساندته وقد اخترقه المال السياسي؟ وما معنى عدم اخضاع السجون لتراتيب صارمة جدا لمنع الارهاب من التفشّي فيها؟ وما معنى السكوت عن مافيا التهريب؟ وما معنى تسليم ليببيين ارهابيين كانوا أو مدنيين للسلطات الليبية التي ترعى الارهاب وكذلك التونسيين الذين يعدون لهجومات ضدّ بلادك وبلادي وبلاد كل التونسيين الشرفاء!
في الماضي كنّا نعلم ولكنّنا كنّا نخاف ونقول انّنا لا نعلم واليوم اصبحنا كلنا نعلم لكننا كأننا لا نعلم!
لا يشكّ أحد في وطنيتك يا سيدي رئيس الحكومة، فكن في مستوى الأمانة وصارح الشعب بالمشاكل ولا تخضع أنت وكلّ وزرائك معك لأيّ ضغط حزبي.. لو تصمت ولا تتخذ اجراءات فستفشل وسندخل البلاد في نفق مظلم وستصبح تونس بلادا في الذاكرة بدل أن تكون بلاد المستقبل...
وأمّا إذا لم تستطع فاستقل!